• ثقافه الحزن والواقعيه بين زوال الحياه ونعيم الاخره

    كم من الحناجر تذوقت مرارته .. وكم قلوباً اكتوت بناره ..وكم أعيناً أسالت أدمعها قسوته ..

    إنه الحزن..

    ألم نفساني ناتج عن فقد أشياء محبوبة .. أو عدم تحقيق رغبات مقصودة ..

    إنه الحزن ..

    زائر يطرق كل باب ، ويمنح نفسه حق الولوج دون استئذان.. ليس له وقت فننتظره.. ولا مقدمات فنستعد له ..
    يهبط هكذا على القلوب شاءت أم أبت .. بسبب أو بدون سبب .

    حزنت فلامني من ليس يدري ************ كأن القلب يحزن باختياري

    إنه الحزن .. يرافقنا دروب الحياة .. يمضي معنا كظلنا .. إن حاولنا أن نسبقه .. لحق بنا ..
    وإن أمهلنا الخُطا حتى يتجاوزنا .. أمهلنا حتى نحل به ، أو يحل بنا .

    ولا أبالغ حين أقول إنه يزورنا حتى في لحظات نظن أننا قد بلغنا ذروة الفرح و السعادة .. فأي شئ أكثر جمالاً من لحظة نلقى فيها الأحبة !!

    فلماذا نذرف الدموع فيها .. أهي كما يدعون دموع الفرح .. ولكن الدموع مرسول الجراح وعصارة الألم .. فكيف تمتزج لحظة الفرح .. لحظة اللقاء .. بالألم ؟!!

    إن تداعيات ما قد نكون عشناه من لوعة الفراق تقفز إلى الذاكرة لحظة اللقاء .. فينهمر الدمع ، وتكون لحظة حزن اغتالت لحظة الفرح .

    أتراه .. الحزن .. ثقافة عالمية ؟!
    أم أنه طبيعة جبلت عليها النفس البشرية ؟!!
    أم أنه سلوك يتوارثه الأحفاد من الأجداد ، كما يتوارثون جيناتهم ، وملامحهم ، و أمراضهم العضوية؟!

    إن المتأمل في حال الدنيا يراها في قول الشاعر :

    جبلت على كدر وأنت تريدها ************ صفواً من الآلام والأكدار

    لقد قيل للإمام علي رضي الله عنه : صف لنا الدنيا ، فقال :

    “وماذا أصف لك من دار ، أولها بكاء ، وأوسطها عناء ، وأخرها فناء”

    إنه الحزن إن كان ولا بد منه .. فهل يعني الإستسلام له ؟
    وهل يعني ذلك أن نقضي أعمارنا هماً وحسرة وكمداً ؟

    إن من العقل إدراك أن الجنة لا تأت في الدنيا .. فلا نعيم دائم في حال زائل ..

    وإن حياة الأنبياء كانت سلسلة من المحن والإبتلاءات فصبروا
    قال تعالى : (( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ))

    فالرغبة في أن لا نصاب بشقاء ، هي كالرغبة في عدم الوجود .. ولكننا موجودون ..
    فإذا كان من المقبول أن نحزن لفقد شئ تهواه النفس وترغب به ، فإن من الحكمة والعدل أن نسر بما لم نفقده
    وربما كان أعز و أشرف من ذلك الذي فقدناه..

    دع الأيام تفعل ما تشاء ************ وطب نفساً بما حكم القضاء
    ولا تفرح ولا تحزن لشئ************ فإن الشئ ليس له بقاء




اترك رد - رأيك يهمنى :)